شف رئيس مؤسسة الطاقة الذرية الليبية، عن التحديات التي تواجه بلاده في التحول إلى الطاقة النووية لحلّ أزمة الكهرباء التي تعاني منها طرابلس.
وقال رئيس مجلس إدارة المؤسسة، الدكتور وجدي محمد الرتيمي، في حواره مع “الطاقة”، إن إنشاء محطات نووية لتوليد الكهرباء يحتاج إلى استقرار، فضلًا عن أموال ضخمة.
وعلى الرغم من تأكيده أهمية التحول إلى الطاقة النووية في بلد مثل ليبيا، منتج للنفط، لتوفير الوقود اللازم تشغيل محطات الكهرباء من أجل التصدير، فإن رئيس مؤسسة الطاقة الذرية الليبية أكّد عدم وجود خطط قريبة المدى للبدء في مثل هذه المشروعات.
ووجّه الرتيمي انتقادات حادة لمؤسسة النفط الليبية حول تعاملها مع الانبعاثات الصادرة من آبار النفط، والتي لها أضرار مباشرة على عمّال النفط، وكذلك البيئة.
وإلى نصّ الحوار:
ما هو دور مؤسسة الطاقة الذرية الليبية؟
تعدّ المؤسسة هي الجهة الاستشارية والمرجعية الوحيدة للدولة الليبية فيما يتعلق بالاستخدامات السلمية للأشعة المؤينة، وسبل مساهمتها في التنمية المستدامة، إلى جانب إصدار القوانين والتشريعات التي تكفل استخدامًا جيدًا للأشعة المؤينة تمكّن الدولة من التصدي للإشعاعات وحالات الطوارئ النووية.
كم عدد المراكز التابعة؟
حاليًا يتبع المؤسسة مركز البحوث النووية بتاجوراء، ومركز القياسات الإشعاعية والتدريب بطرابلس والذي تتبعه 3 مختبرات: مصراتة وزوارة وسبها حديثًا.
وفي إطار توجّه حكومة الوحدة الوطنية لدمج مؤسسات الدولة، استُحدِث مركز القياسات والتطبيقات الإشعاعية والتدريب، في بنغازي.
كما نشرف أيضًا على توفير أجهزة القياس الشخصية للعاملين الذين يقومون بأعمال ذات طبيعة إشعاعية، ونقدّم تقريرًا حول ذلك بصفة دورية.
تقوم مؤسسة الطاقة الذرية الليبية أيضًا بمراقبة الإشعاعات بالماء والتربة والغذاء، ومتابعة الآثار المترتبة عن المصانع التي تستخدم موادّ مشعة.
نعمل أيضًا على تنظيم أيّ عمليات استخراج أو تنقيب عن الثروات النووية الطبيعية، وتصدير أو استيراد للمواد وفقًا لمعايير وإرشادات وكالة الطاقة الدولية الذرّية.
أين تتركز ثروات ليبيا النووية؟
تقع أغلب ثروات ليبيا من المواد النووية في جنوب وشرق البلاد، وفي المثلث الحدودي بين ليبيا والنيجر والسودان، إذ نملك احتياطيًا ضخمًا من اليوارنيوم في مناطق تيبستي والعوينات وجنوب غدامس وحوض سرت.
ماهو دوركم مع المؤسسات الليبية المختلفة؟
تعمل مؤسسة الطاقة الذرية الليبية بعيدًا عن الإعلام من أجل تحقيق مصلحة البلد للوصول لأعلى مستويات الأمن للمواد النووية والمشعة، ولا يعتدّ قانون بأيّ معايرة لأجهزة الكشف عن الآشعة المؤينة في أيّ جهة أخرى.
نحن نحرص على تطوير المتخصصين بالأقسام المتعلقة بالطاقة النووية، وإيفاد البعثات للدراسة في الخارج، ونقدّم تدريبات للمؤسسات العسكرية والأمنية والجهات المخوّلة بمكافحة الكوارث للتصدي لأيّ حوادث نووية.
وقد استخدمنا طريقة توزيع جغرافية تضمن تدريب الأطباء من مختلف مدن ليبيا على كيفية تشخيص ومعالجة الأمراض الناجمة عن الإشعاعات وطرق الكشف عن الإشعاعات ومعرفة المستوى المناسب من الإشعاع.
هل هناك محطات توليد طاقة كهربائية نووية؟
مؤسسة الطاقة الذرّية هي التي لها الحق الأصيل في دراسة المشروعات النووية واقتراح وسائل التنفيذ بما يحقق المنفعة الاقتصادية والعامة، والمتابعة والإشراف على المحطات، عندما تقرر الدولة إنشاء مثل هذا النوع من المحطات غير الموجود حاليًا على الأراضي الليبية.
هل ترى أهمية للمحطات النووية في بلد مثل ليبيا؟
التحول إلى الطاقة النووية يعدّ من أهمّ الحلول للإسهام في حلّ مشكلة الكهرباء، لما تتميز به من كونها طاقة صفرية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
كما إن محطات الطاقة النووية تسهم في الحفاظ على احتياطي النفط، لأنها تولّد الطاقة باستخدام اليورانيوم، وهو ما يتيح تصدير الفائض من الكهرباء إلى الخارج، ناهيك عن إمكاناتها الكبيرة في توليد الكهرباء، إذ إن انشاء محطة نووية نوع إي أر بي 1750 ذات مفاعلات إيه بي أر 1400 من الممكن أن تسهم في إنارة الساحل الليبي بالكامل وتزويده بالكهرباء، وبإمكانها إنتاج نحو 59 ألف ميغاواط.
ما الذي يمنع ليبيا من امتلاك مثل هذه المحطات؟
إنشاء محطات الطاقة النووية يحتاج مشروعات طويلة الأجل، وتحتاج إلى استقرار كبير في البلاد، فضلًا عن أموال ضخمة وتحوّل اقتصادي كبير في البلاد، في حين إن ليبيا حاليًا تواجه العديد من التحديات.
ما المقصود بالقانون النووي الليبي؟
هو مشروع لقانون يتحكم في كل الممارسات ذات العلاقة بالاستخدامات السلمية للطاقة الذرّية، ويحدد الجهات ذات العلاقة، وواجباتها.
كما يحتوى على بنود للعقوبات الخاصة بالتجاوزات ذات العلاقة بالمواد النووية والإشعاعية.
قُدِّم هذا المشروع للبرلمان منذ سنة 2014 للمصادقة، ولكنه لم يحصل عليها حتى هذه اللحظة، إذ يلغي المشروع حال المصادقة عليه القانون رقم 2 لسنة 1982 الخاص بالتحكم في تطبيقات الأشعة المؤينة، ليصبح هو القانون الشامل والوحيد الذي يتحكم في كل ما له علاقة بالأشعة المؤينة.
هل للمؤسسة خطط للعمل مع قطاع النفط؟
تواصلت مؤسسة الطاقة الذرية لأكثر من مرّة مع المؤسسة الوطنية للنفط، ومع شركات نفطية مختلفة حول موضوع حماية البشر والبيئة من آثار الأشعة المؤينة في قطاع النفط.
وبما أن مشروع القانون النووي لم يُعتمد بعد، فإن استجابة قطاع النفط والغاز لمؤسسة الطاقة الذرية الليبية تعدّ متواضعة، وتعتمد على الاجتهادات الشخصية فقط.
لماذا لا تكون هناك ندوات توعوية بشكل مستمر تستهدف القطاع النفطي؟
اتّضح من خلال خبرتنا البسيطة في التعامل مع قطاع النفط والغاز أن المشكلة ليست في التوعية، لأن أغلب الشركات -إن لم يكن كل الشركات المنتجة للنفط والغاز- التي تتعامل مع مواد مشعة تفوق جرعاتها الإشعاعية أو المستوى المسموح به، لديها أجهزة كشف عن الإشعاع، وموظفون يستخدمون تلك الأجهزة، ويعرفون مخاطر المواد المشعة.
لكن المشكلة في عدم اتّباع موظفي تلك الشركات لنظام تدريب معتمد يشمل كل الفئات داخل الحقول النفطية، التي توجد بها مواد مشعة، يمكن أن تتسبّب في جرعات تفوق المستوى الطبيعي للعاملين.
ماهي الحلول لتفادي تلك المخاطر على عمّال النفط والغاز؟
يوجد برنامج تدريبي معتمد من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرّية مخصص لقطاع النفط والغاز، تستطيع مؤسسة الطاقة الذرية الليبية أن تنفّذه من خلال التنسيق مع المؤسسة الوطنية للنفط والشركات النفطية.
ما الفئات التي يشملها التدريب؟
الفئات التي يشملها هذا التدريب 3، كما حددتها الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، وهي كما يلي:
- فئة العاملين، أي كل من يوجد في الحقل، ولكن لا يتعامل بشكل مباشر مع الإشعاع.
- فئة العاملين المؤهلين، وهم من يتعاملون مع الإشعاع بشكل مباشر من خلال قيامهم بمهامّهم، كفِرق التشغيل والصيانة والسلامة المهنية.
- أخيرًا فئة ضباط الوقاية الإشعاعية، وهم المسؤولون عن إعداد وتنفيذ خطط السلامة الإشعاعية للحقول النفطية.
ما خططكم لرفع معايير الجودة والسلامة الإشعاعية بمواقع النفط والغاز؟
لقد قمنا سابقًا بزيارات ميدانية لبعض الحقول النفطية التي توجد بها مواد مشعة طبيعية تنتج جرعات إشعاعية أعلى من المستوى الطبيعي، وذلك لتقييم مستوى السلامة الإشعاعية وتقديم الاستشارات ذات العلاقة بتطويره.
ونأمل أن نتمكن في المستقبل من زيارة كل الحقول التي تحتوى على مواد مشعة طبيعية تتجاوز الجرعات الإشعاعية الناتجة عنها، لتقييم أوضاعها وتقديم الاستشارات الكفيلة بتحسينها.
بشكل عامّ، قطاع النفط والغاز يبذل جهودًا كبيرة للحدّ من الإشعاعات، وتوفير بيئة عمل آمنة للجميع، والتعاون بين مؤسسات الدولة الليبية، والاهتمام بالبحث العلمي أمر مهم جدًا.
ما الرسالة التي توجهها إلى الشركات النفطية العامة في ليبيا؟
نتمنى من كل الشركات النفطية في ليبيا التعامل مع مؤسسة الطاقة الذرية فيما يخصّ خدمات الدعم التقني والاستشارات الفنية، وكذلك خدمات التدريب لضمان تحقيق أعلى مستويات الأمن والسلامة النووية والإشعاعية وفقًا لمعايير وكالة الطاقة الدولية.
ما هي خططكم المستقبلية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية؟
الاستمرار في الاستفادة من مشروعات الدعم التقني، التي توفرها الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، واستثمارها وتطبيقها بالشكل الصحيح، الذي يسهم في تحقيق أعلى مستويات الأمن والسلامة الإشعاعية في ليبيا، وتحقيق التنمية المستدامة، والحصول على الدعم التقني اللازم عند الحاجة، ونحن على تواصل مستمر معها.